أفادت مصادر مقربة، أن بشار الأسد أمر باتخاذ عدة إجراءات ضد شركات ابن خاله “رامي مخلوف”، وبحقّ بعض رجال الأعمال المقرّبين منه في سابقة هي الأولى من نوعها، وذهبت نفس المصادر إلى أن بعضهم تمّ وضعه تحت الإقامة الجبرية كرامي مخلوف وأخوته.

وكشفت مصادر موالية وأخرى روسيّة، أن هيئة مكافحة غسيل الأموال بالتعاون مع أمن القصر الجمهوري حققوا مع 29 رجل أعمال سوريّ مقرّبين لبشار الأسد، بعد طلبه منهم مبلغاً ماليّاً قدّره البعض بملياريّ دولار لتسديد ديونه للجانب الروسيّ، ولكنهم تهرّبوا بحجّة عدم وجود السيولة الكافية وتدهور سوق الدولار بحال تمّ ذلك مباشرةً، إلاّ أن الأسد أصرّ على معاقبتهم لأسباب كثيرة تراكمت مع الزمن.

التهرّب من مساندة الدولة
بينما الحقوقي كمال صقر أرجع انقلاب الأسد عن أبرز رجال أعمال نظامه إلى تهرّبهم من مساندة حكومة الأسد مالياً واقتصادياً، وقال صقر لأورينت نت “هناك التزامات مالية وديون بنكيّة قروض روسيّة يجب سدادها سريعاً، ورغم أن روسيا كانت قد ألغت بعض ديونها مؤخراً على نظام الأسد، إلا أن روسيا لها بعض القروض والسندات المالية المستوجب سدادها والمقدرة بأكثر من ملياريّ دولار، وهذا ما يصعب سداده من خزينة نظام أسد، لذلك لجأ إلى رجال أعماله المقربين وأبرزهم رامي مخلوف ابن خال الأسد”.

وتابع صقر، “لم يكن رامي مخلوف وحده الذي تهرّب من دفع ما عليه من المبلغ المطلوب لروسيا، وإنما كلاّ من محمد حمشو وأيمن الجابر وسامر الفوز والعديد من رجال الأعمال الذين كسبوا ثروات طائلة خلال السنوات الثماني الأخيرة، مما جعل بشار الأسد يطلب التحقيق والتفتيش معهم والحجر على بعض أملاكهم وليس عليهم شخصياً، ريثما يتم دفع المبلغ ودعم الدولة بالسيولة النقدية والمحافظة على ثبات سعر تصريف الدولار رغم تزعزعه كثيراً بسبب هذه الأخبار”.

وأشار صقر إلى أن، “انقطاع الدعم الإيراني عبر الخط الائتماني المقدّر بملياري دولار سنوياً أو يزيد، وبسبب عدم وجود ما يؤجره بشار الأسد للروس مقابل هذه الديون، بات لزاماً على رؤوس الأموال من رجال أعمال ومقربين لبشار الأسد أن يُساهموا بمساندة دولتهم اقتصادياً، وإلا سيكون مصير أموالهم المصادرة بحجة الفساد وتضخم الثروات بسبب الأزمات كما فعل نظام أسد مع الكثير من رجال الأعمال ذوي التصنيف الأدنى وكذلك بعض ضباط وقادة الميليشيات وموظفي الحكومة الكبار”.

الحدّ من نفوذهم
ووفق ما أكّده ناشطون، أغلب أصحاب رؤوس الأموال لدى نظام أسد والمقربين من بشار الأسد لديهم ميليشياتهم العسكرية الخاصة التي أنشؤوها، كميليشيات جمعية البستان التابعة لرامي مخلوف، بالإضافة لنشاطهم السياسي والاقتصادي والعسكري الذي أخاف الأسد من وصولهم لقصره عبر حلفاء آخرين.

ولذلك، اعتبر المحلل السياسي إياد الشوفي أن انقلاب الأسد على بعض رجال أعماله المقربين يعود لخوفه منهم سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وبسبب ابتلاعهم للبلاد بطولها وعرضها، وأضاف الشوفي قائلاً لأورينت نت “بات بعض رجال الأعمال السوريين يملكون زمام البلاد والتحكّم باقتصادها ومقدراتها، وخلال السنوات الأخيرة بات بعضهم يتحكّم بمناطق عدة عسكرياً وآخرون يتحكمون ببعض القرارات السياسية وتأثيرها دولياً سلباً أو إيجاباً، ومثال على هؤلاء رامي مخلوف وسامر الفوز، ولذلك خاف الأسد منهم”.

وأكمل الشوفي باستفاضة أكثر، “رامي مخلوف له توجهه الحزبي والسياسي عبر الحزب السوري القومي الاجتماعي، ولهذا الحزب نشاطاته الإغاثية والعسكرية لذلك بات يزداد منتسبوه في الساحل السوري، بالإضافة لنشاطات جمعية البستان الإنسانية العسكرية التابعة لمخلوف، ويُضاف إلى ذلك نشاط الميليشيات التشبيحية في الساحل السوري والتي تروّع أبناء المنطقة، وكل ذلك زاد من نفوذ رجال الأعمال هؤلاء أكثر من اللازم الذي ترضا به روسيا وبشار الأسد، فكان عليهم قصقصة أجنحتهم والحدّ من نفوذهم خوفاً من السيطرة على مقدرات الدولة الاقتصادية وحمايتها عبر ميليشياتها واستلام السلطة عبر سياستها، ولذلك حدّ نظام أسد من نشاط جمعية البستان وألغى بعض ميزات حاملي بطاقة حزب مخلوف”.

استنساخ رجال أعمال آخرين
وأما الخبير الاقتصادي خالد تركاوي رأى أن إجراءات الأسد جاءت لاستنساخ رجال أعمال آخرين بدلاً من هؤلاء كونهم معاقبين دولياً وممنوعين من الحركة وتحقيق المكاسب الاقتصادية الأكبر له، وأشار تركاوي خلال حديثه مع أورينت نت إلى أن “خلال سنوات الثورة ظهرت شخصيات اقتصادية لدى نظام أسد كانت مغمورة جداً ولا رأسمال عندها، ولكن تم استنساخها وتكبيرها لتكون واجهة الاقتصاد السوري بدلاً من رامي مخلوف وغيره، والآن يقوم الأسد بنفس الخطوات بعد وضع كافة الرجال الذين انقلب عليهم تحت طائلة العقوبات الدولية”.

وأضاف تركاوي، “سامر الفوز انتقل من تاجر بسكويت إلى ثاني أغنى رجل في سوريا بعد رامي مخلوف، ومثله الكثيرون من آل قاطرجي والزعبي والجابر، وبعد سقوط ورقتهم ووضعهم على اللائحة السوداء دولياً يقوم الأسد باستنساخ غيرهم بعد الحجر على بعض ممتلكاتهم أو التضييق عليهم”.

مراوغة من الأسد
ونوّه الخبير تركاوي إلى أن، “بشار الأسد ادّعى مكافحة فساد رجال الأعمال هؤلاء والحجر عليهم وعلى ممتلكاتهم، ولكن ذلك كان مراوغةً منه لكسب رضا الشارع الموالي له والتغنّي به على أنه الحاكم الشريف الذي لا يقبل فساد اقتصاده وحكومته ورجال أعماله، ولا يقبل استغلال شعبه ونهب خيرات بلادهم مهما علا شأنهم وزادت قرابتهم، وفعلاً رأينا أصوات بعض الموالين تعلو وتتغنّى بأخذ الأسد لثأرهم ممن سرقهم وأوصلهم لخط الفقر بسبب فسادهم، حسب كلامهم”.

واستدرك تركاوي قائلاً، “ربما لا يكون الأسد قد اتّخذ أي إجراء ضد هؤلاء الرأسماليين، ولكن مراوغته هذه أنست الشعب السوري الموالي له ارتفاع صرف الدولار وفقدان مقومات الحياة الكريمة وارتفاع الأسعار أضعاف مضاعفة، وبالتالي بثّ الشائعات بأن الأسعار سترتفع أكثر وقيمة الليرة السورية ستنهار أكثر، وبالتالي يكون بشار الأسد ورجاله المقربين هم الأكثر استفادة والأكثر ثراءً، رغم تخوّف الأسد من البعض، وعدم الرضا عن البعض الآخر”.

اورينت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *