سؤال من الاستاذ عبد الباري عثمان :

الاستاذ جمال سليمان لو تكرمت .كيف بأمك
اننا إعادة التلاحم المجتمعي وتماسكه بعد سنوات الصراع والتمزق الحاصل بين أفراد ومكونات المجتمع السوري.

اسعد الله اوقاتك و اوقات جميع السيدات و السادة في هذه المجموعة الكريمة و اتمنى ان يحمل العام القادم لكم و لنا و لكل الشعب السوري الأمل في نهاية هذه المأساة الكبرى. و لعل هذا الامنية مقدمه للإجابة على سؤالك الذي تحتاج إجابته الوافية إلى حديث طويل يشارك به أهل السياسة من و الاقتصاد و رجال الدين و علماء الاجتماع و قادة المجتمع المدني و الأكاديميين و أهل الثقافة و الفكر و القانونيين و رجال الأعمال و طبعا دون حصر ذلك بصفة المذكر بل لا بد من حضور نسائي وازن ضمن هذه العملية المعقدة. ان الامر برمته يتوقف على امكانية طي صفحة الماضي و التطلع الى مستقبل جديد يتشارك به كل السوريين، و هذا ليس بمنال سهل و ان كان ليس مستحيلا. و ساسمح لنفسي ان اقدم اجتهادا مختصرا ساضعه بصيغة نقاط كي يكون محددا كما أحب بحوارات من هذا النوع ان تكون.

مقدمة بسيطة: اعادة التلاحم يقتضي أولا وقف دوي القنابل و أزيز الرصاص و هذا لن يتم دون اتفاق دولي- اقليمي. اي كلام غير ذلك بانتصار احد أطراف الصراع هو محض اوهام قلتلها و قالها غيرنا منذ سنوات. .النقاط

١- ان تتفق الدول الفاعلة في الملف السوري ( بعد أن أدركت بأنها لن تستطيع تحقيق على المسرح السوري أكثر مما حققت ) على تفكيك التنظيمات المتطرفة التي ساهمت أجهزتها الاستخباراتية في تشكيلها.

٢- بعدها تقوم هذه الدول متفقة على فرض وقف شامل لإطلاق النار.

٣- يتم التعاطي مع اللجنة الدستورية بجدية من أجل إنجاز دستور جديد للبلاد. و لا بد أن يكون هذا الدستور ديموقراطيا، لا طائفي، كافلا للحريات الفردية و السياسية الحزبيه، حافظا لانفصال السلطات و استقلالها، معززا لقوة دولة القانون، المواطنة المتساوية فيه هي اسمى المفاهيم و بالتالي يجب أن يجرم اي خطاب أو ممارسة تمييزية بين السوريين.

٣- بالتوازي مع صياغة الدستور، بدعم دولي توافقي و صادق، يتم إحياء مفاوضات جنيف بين النظام و المعارضة من أجل انشاء ” البيئة الآمنة و المحايدة” التي نص عليها القرار ٢٢٥٤ كي يتم من خلالها استفتاء ذي مصداقية على الدستور، و انتخابات برلمانية و رئاسية نزيهة و عادلة لا يحق لبشار الاسد ترشيح نفسه فيها.و هذا يعني بالضرورة انشاء جسم حكم انتقالي.

٤- انتخاب برلمان محترم لا يقوم على مفاهيم ضيقة سواء كانت عشائرية أو مناطقية أو طائفية و انما على قاعدة وطنية. ( تجنبا لسيرك البرلمانات التي نراها في لبنان و العراق)

٥- انتخاب رئيس للجمهورية يحظى بقبول غالبية الأطراف كي لا يكون رئيسا لطرف دون الآخر. رئيس قوي يملك قدرات قيادية و نزاهة وطنية و صاحب رؤية تأسيسية لسوريا المستقبل. هذا الرئيس يجب أن يملك القدرة على مخاطبة السوريين بمختلف أطيافهم و الحصول على ثقة عقولهم و طمأنينة قلوبهم. و يجب ايضا ان يكون مقبولا و مطاعا من المؤسستين العسكرية و الأمنية لان لنجاحه معهما اكبر الأثر في اصلاحهما من جهة، و تكريس الأمن و هيبة الدولة و قوة القانون و الدستور من ناحية ثانية. كما يجب أن يكون لديه تأييد و ثقة من جانب الرأسمال الوطني الذيىسيكون الدعامة الأساسية في تدوير عجلة الاقتصاد. ايضا يجب أن يحظى باحترام المجتمع الدولي و الإقليمي كي يسوي الخلافات و يستقدم الموارد اللازمة لإعادة الإعمار.

٦- الدولة الجديدة يجب أن توفر أهم الأولويات و هي غير الأمن: فرص العمل التي ستتيح املا بحياة افضل و تدعو من الجميع الى الكسب الشريف. و التعليم الجيد الذي سينشئ أجيال، ما بعد العنف و التطرف و الاقصاء، على أسس وطنية.و الصحة التي من دونها لا عمل و لا تعليم.

٧- يجب ان لا تتجاوز مؤسسات الدولة ما يمنحها الدستور من قوة، و لكن يجب عليها أن لا تدخر هذه القوة في تطبيق القانون و محاربة اي فكر عنفي أو اقصائي أو متطرف.

٨- يجب أن يولي البرلمان و القضاء أولوية لشكل إيجابي من العدالة الانتقالية و جبر المتضررين و تقصي مصائر المختفين و رفع الضيم عن المقهورين و المحرومين ممن عانى الويلات جراء الانتهاكات اللاإنسانية سواء من ناحية النظام أو من ناحية الجماعات المسلحة. من دون ذلك لن يكون هناك مصالحة وطنية و لا استقرار مستدام.

٩- في هذا الاطار فان دعم الدولة و القطاع الخاص للفن و الثقافة ليس رفاهية و لا كماليات بل ضرورة وطنية لان الخطاب الثقافي و الإنتاج الفني سيعالجان الكثير من التشوهات الفكرية و النفسيه التي اعترت المجتمع السوري و كذلك سيمارسان دورا كبيرا في خدمة العدالة الانتقالية و المصالحة الوطنية و سيساهمان في بناء الجسور بين مختلف مكونات المجتمع و سيعززان القيم الواجبة من أجل مستقبل آمن للجميع. ( في كل الاجتماعات الدولية التي حضرتها و التي تتعرض للعدالة الانتقالية و المصالحة الوطنية و إعادة البناء قلما يتم التطرق إلى هذا الجانب، و انا قمت بما استطيع كي اؤكد على أهميته و خاصة في مجتمعاتنا التي تؤثر فيها بعض المسلسلات أكثر من كل الخطابات السياسية على اختلاف اهميتها)

١٠- للاعلام دور شديد الاهمية و يجب على الدولة ان تحترم حرية الإعلام لأنه احد ضمانات تقويم المسار و ردع الفساد و التجاوز على القانون، و هو ايضا فضاء للمشاركة في إيصال كل الأصوات و إنتاج آليات صنع السياسات. لكن يجب على الدولة ان لا تتهاون مع اي دكاكين إعلامية تريد أن تنشر الأكاذيب أو تحرض السوريين ضد بعضهم من خلال نشر خطاب الكراهية و زرع الشكوك و ترويج الأوهام لانها ان فعلت فهي تنتهك الدستور و أو واجبات السلطة المنتخبة هي صيانة الدستور و الدفاع عنه.

١١- على السياسات الاقتصادية ان توازن بين الاستثمار و الجشع و ان تأخذ بعين الاعتبار الحاجات المعيشية للطبقات المحرومة و المتضررة.

١٢- على رأس أولويات اعادة بناء البنية التحتية يجب أن تولي الدولة أهمية قصوى لبناء شبكة قطارات سريعة تصل كل مناطق الوطن بعضها ببعض لتسهل عملية انتقال الأفراد و البضائع بين كل المناطق لان في هذا، غير المنافع الاقتصادية، منفعة كبرى في إعادة الاتصال و التفاعل بين السوريين.طبعا هذا ليس كل سئ، هذه مجرد نقاط رئيسية من دونها لا تفاءل بإعادة التلاحم المجتمعي. ارجو ان اكون قد قدمت جوابا على سؤالك اخي عبد الباري.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *