تتواصل موجة التوتر بين تركيا وروسيا بالاتساع يومًا بعد يوم، بعد نحو شهرين على إعلان النظام عن معاركه في شمال غربي سوريا، حيث يصر على استعادة الطرق الدولية “M5″ و”M4” وما يحيط بها من مدن وبلدات، في مقابل تمسك من قبل فصائل المعارضة بما بقي لديها من مناطق.
أبرز فصول هذا التوتر هو تعزيز روسيا لقدراتها العسكرية على السواحل السورية، عبر استقدام سفن حربية، يقابله حشد تركيا لآلاف المقاتلين من جيشها إلى جانب منظومات دفاع جوي وطائرات مسيرة في إدلب.
فرقاطات روسية
يبدو أن روسيا لم تجد أمام تدفق آلاف الجنود الأتراك بالإضافة إلى مئات المدرعات عبر معبر كفر لوسين بريف إدلب، وتمركزهم في إدلب، إلا أن تزيد من عدد سفنها الحربية المزودة بصواريخ بعيدة المدى، خاصة وإنها تعلم أن استخدام طائراتها في المعارك بات يأتي بشكل مدروس بسبب الانتشار الكبير للجنود الأتراك في مواقع فصائل المعارضة.
وعلى مدار نحو شهرين، أرسلت روسيا أربع سفن حربية إلى السواحل السورية، كان أحدثها سفينة “نوفوتشيركاسكا” التي رست في ميناء طرطوس، في 2 من آذار الحالي.
وأشارت وكالة “سبوتنيك” الروسية أن السفينة محملة بشكل كبير، وأن هذه هي أول رحلة تقوم بها “نوفوتشيركاسكا” إلى سوريا هذا العام.
وتعتبر هذه السفينة الرابعة للبحرية الروسية التي تتجه نحو سوريا، وقبل ذلك، ذهبت الفرقاطات “الأدميرال ماكاروف” و”الأدميرال غريغوروفيتش” و”أورسك” إلى هناك.
وبحسب رئيس قسم دعم المعلومات لأسطول البحر الأسود، أليكسي روليف، فإن هذه السفن مزودة بأسلحة عالية الدقة، كنظام الصواريخ “كاليبر-إن كي”.
وأشار روليف إلى أن الفرقاطات “الأدميرال ماكاروف” و”الأدميرال غريغوروفيتش” و”أورسك” هي من نفس السلسلة (حاملات كاليبر).
وكانت الأطقم البحرية الروسية قد أجرت في كانون الأول 2019 مناورات عسكرية مشتركة في البحر الأبيض المتوسط.
وقد شملت المناورات السفن الروسية والطائرات من قاعدة حميميم الجوية، والقوارب الصاروخية وكاسحات الألغام من البحرية السورية.
وأعلن مركز القاعدة البحرية الروسية، حينها، أن اختيار ميناء طرطوس ميدانا للتدريبات لم يتم بالصدفة، إذ تقدم السفن الحربية الروسية قبالة سواحل سوريا مساهمة كبيرة في مكافحة الإرهاب الدولي.
وتعتبر قاعدة “طرطوس” الروسية الوسيلة الرئيسية لتزويد مجموعة القوات الروسية في سوريا، وفق وكالة “سبوتينك“.
سلاح تركي.. في سوريا
لا يمكن الوصول إلى عدد دقيق يوضح حجم القوة العسكرية التركية التي صارت تنتشر في معظم مناطق شمال غربي سوريا، إذ لا تصرح وزارة الدفاع التركية بذلك، لكن المحلل العسكري العقيد أحمد حمادة، توقع في حديث لعنب بلدي، وجود فرقة عسكرية تركية مدرعة ومعززة في إدلب، بتعداد يصل إلى 12 ألف مقاتل.
ومنذ تصاعد وتيرة المعارك مطلع العام الحالي بين فصائل المعارضة وقوات النظام السوري مدعومة بالميليشيات الإيرانية والطائرات الروسية، ومع مواصلة قوات النظام قضم مدن وبلدات استراتيجية في ريفي حلب وإدلب، استشعرت تركيا بخطر ذلك على أمنها القومي لجهة وجود أكثر من ثلاثة ملايين شخص في محافظة إدلب قد يتدفقون إلى حدودها، وفق التصريحات التركية الرسمية.
وبعد فشلها في التوصل لاتفاق مع روسيا يعيد العمل في اتفاق “سوتشي”، اتجهت أنقرة لإرسال آلاف المقاتلين ومئات الآليات ومستشفيات ميدانية ومضادات للطائرات وقاذفات صورايخ إلى الداخل السوري، إلى جانب تنشيط عمل الطائرات المسيرة، ووفق تقديرات صحفيين أتراك فإن 8% من الجيش التركي أصبح في إدلب.
ونشرت وزارة الدفاع التركية تسجيلات تظهر استهداف أسلحتها المنتشرة في إدلب وعلى رأسها الطائرات المسيرة قوات النظام بشكل واسع، وتدمير دبابات ومدرعات عسكرية وراجمات صواريخ للنظام، إضافة إلى منشآت حيوية أهمها مصنع أسلحة كيماوية في ريف حلب (بحسب الرواية التركية)، ومقتل عدد من العسكريين والضباط، كان أبرزهم قائد “اللواء 124” في الحرس الجمهوري، اللواء الركن برهان رحمون.
وصرح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، نهاية شباط الماضي، أن الجيش التركي “حيّد” أكثر من 2100 عنصر من قوات النظام السوري، ودمر حوالي 300 موقع وآلية، بينها 94 دبابة، و37 مدفعية، و28 راجمة صواريخ، و17 عربة مدرعة، كما دمرت القوات التركية عددًا من المواقع من بينها مدارج للطائرات، ومستودعات للأسلحة، وأنظمة دفاع جوي، وعنابر للطائرات، فضلًا عن مصنع لإنتاج الأسلحة الكيماوية.
وأحدث التعزيزات العسكرية التركية في الشمال السوري، هو نشر منظومة الدفاع الجوية “حصار” في منطقة عملية “درع الربيع” بإدلب، وفق ما أعلن رئيس الصناعات الدفاعية، إسماعيل ديمير.
وقال دمير إن نظام “كوركوت” (أخف) موجود حاليًا في الساحات، ويلقي ذخيرة جسمية ويعمل على الحماية الجوية من منطقة قريبة.
وأضاف في تصريحات نقلها موقع التلفزيون الرسمي التركي “TRT Haber” اليوم، الثلاثاء 3 من آذار أن نظامي “Hisar A” و”Hisar O” سيكونان في الساحات خلال الأيام القليلة المقبلة، وسيضيفان أبعادًا جديدة إلى الدفاع الجوي، واصفًا إعلانه بالـ “البشرى العظيمة” خلال عملية “درع الربيع”.