خرج مؤيد عبد القادر (38 عاماً) من منزله، بعد أن مضى على تطبيقه حجراً صحياً ذاتياً لنحو أسبوع، متخذاً جميع الاحتياطات الصحية، فوضع الكمامة والقفازات الطبية، وتوجه إلى المخبز القريب من منزله في دمشق لجلب الخبز وبعض المواد التموينية، لكن المشهد كان صادماً له، بحسب تعبيره لـ”العربي الجديد”.

وأضاف عبد القادر”وجدت الحركة في الشوارع شبه اعتيادية، إن لم أقل إنها قد ازدادت في مثل هذا الوقت من اليوم، وغالبية الناس لا تضع كمامات، وهناك أشخاص يصافحون بعضهم البعض، وهناك من يبصق في الشارع”.

ويبدو أن أكثر المشاهد التي أثارت عبد القادر، هو الطابور الطويل أمام المخبز، حيث يقف عدد كبير من الأشخاص ملاصقين لبعضهم البعض، وكان من بينهم رجل يسعل بشدة دون أن يضع منديلا أو يده أو ثنية مرفقه، وآخر استخدم منديلاً ورماه في الأرض، دون أن يوجد أحد ينبههم أو يرشدهم أو يبعدهم عن الناس.

وأضاف عبد القادر “عقب هذا المشهد قررت أن أشتري ربطة خبز بـ100 ليرة سورية، وهو ضعف ثمنها، من أحد باعة الخبز المنتشرين بمحيط المخبز، لكن عندما رأيتهم كيف يضعون الخبز على الأرض، توجهت لشراء ربطة خبز سياحي بـ400 ليرة من محل بيع المواد الغذائية”.

ويبدو المشهد في العاصمة السورية دمشق شاذاً عن كثير من عواصم العالم وحتى الدول المجاورة، ففي حين تعيش تلك العواصم حالة من الحجر الصحي، تبدو الحياة طبيعية في دمشق، فالإزدحام ذاته في وسائل النقل العام والأسواق، في حين لا تلحظ في الشوارع أي نشاط للكوادر الصحية، فيما يخص عمليات منع تجمع الناس أو التعقيم العام، بحسب مراسل “العربي الجديد”.

وتبدو محال بيع المواد الغذائية من أكثر الأماكن ازدحاماً، بحسب حديث كمال إبراهيم (53 عاما)، الذي قال لـ”العربي الجديد” “لو كنا سنصاب بفيروس كورونا، فزيارة قصيرة إلى السوبرماركت كفيلة بذلك، حيث هناك ازدحام شديد، في ظل غياب تام لوسائل الوقاية أو التعقيم”.

وأضاف “والازدحام الأكبر في العيادات الخارجية على اختلاف اختصاصاتها في المشافي العامة، كما شاهدت ذلك بالأمس عندما اصطحبت ابني إلى أحد المشافي العامة، ودون وجود أي وسائل وقاية للناس، في حين كان الكادر الطبي يرتدي كمامات وقفازات، ويتم مسح الأرض كل ساعة أو أكثر”.

من جانبها، تشعر جمانة مراد (27 عاماً)، موظفة في شركة تجارية وسط دمشق، بالقلق من نسبة اللامبالاة التي تشهدها في طريقها إلى العمل، مضيفة لـ”العربي الجديد”، “أدعو الله كل يوم أن لا يكون هناك مصاب في دمشق، لأن النتيجة ستكون كارثية، يكفي أن يمر في أحد أسواق دمشق الرئيسية، لينقل العدوى إلى مئات أو آلاف السكان خلال 24 ساعة”.

كما تحدثت جمانة عن وجود “نسبة كبيرة تستخف بالوباء، ولا تتعامل بأي نوع من المسؤولية تجاه اتباع سبل الوقاية”، عازية ذلك إلى اعتقادها بعدم وجود خطر حقيقي، في ظل الإعلان الرسمي عن خلو سورية من أي إصابة كورونا”.

وكانت وسائل إعلام سورية محلية نقلت عن رئيس مجلس الوزراء التابع للنظام عماد خميس قوله، خلال جلسة استثنائية للجنة عقدت أمس الأربعاء، “إن حجم الخطر الذي يواجهه العالم أبعد مما هو لوباء معين، ولا يخفى على أحد انتشار حالات من الفوضى في العديد من الدول نتيجة هذه الظاهرة، وهذا يعتبر أصعب من الوباء ذاته، لذلك لجأت الحكومة السورية إلى اتخاذ قراراتها بحكمة وبشكل تدريجي، وباشرت بأخذ الاحتياطات على كافة الأصعدة، وقد تصل الأمور إلى منع التجوال لو كان هناك حالات إصابة”.

العربي الجديد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *