بدأت المحكمة العليا في مدينة كوبلنتس غرب ألمانيا، محاكمة هي الأولى من نوعها لضابطين سابقين في مخابرات النظام السوري، متهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
ومثُل العقيد السابق في جهاز أمن الدولة، أنور رسلان، الذي يتهمه القضاء الألماني بالمسؤولية عن مقتل 58 شخصاً، وتعذيب نحو أربع آلاف آخرين في الفترة الممتدة من نيسان/ أبريل 2011 وأيلول/ سبتمبر 2012، في فرع الخطيب الأمني الذي كان يديره في دمشق.
بروكار برس تحدث إلى رئيس “المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية” أنور البني، الذي حضر الجلسة وكان له دورا رئيسا في تحريك الدعوى ضد أنور رسلان وإياد الغريب.
حيث كشف البني أنّه أحد الشهود الأساسيين في قضية أنور رسلان، ومشارك في مساعدة الضحايا للوصول إلى جهة الادعاء العام للتقدم بشهاداتهم في هذا الملف وملفات أخرى، مشدّدا على ضرورة “ملاحقة المجرمين ومرتكبي الجرائم الكبرى لضمان عدم إفلاتهم من العقاب العادل، ولضمان عدم وجودهم في حياة أبنائنا ومستقبل سوريا وتفادي ارتكابهم جرائم مماثلة”.
“رسلان جزء من آلة جهنمية عمرها 50 عاما”
وفي حين أكّد أنّ “رسلان جزء من آلة جهنمية تدور في سوريا منذ 50 عاما (فترة حكم الأسد الأب والابن)، وبشكل كبير منذ 9 سنوات من اعتقال السوريين وتعذيبهم وإخفاء جثامينهم”، لفت البني إلى أنّ كل رموز النظام السوري الأمنية والعسكرية والسياسية ستخضع للمحاكمة.
ومع وجود أصوات من السوريين تطالب بعدم ملاحقة المنشقين عن النظام على مبدأ “الانشقاق يجبّ ما قبله”، وانطلاقا من فكرة تشكيل مانع للراغبين بالانشقاق عن النظام، قال البني “نحن نمثل جهة عدالة، والعادلة لا تنتمي لتيار سياسي يحاسب خصومه ويعفي من العقاب من في صالحه، وإلا من يطالب بالإعفاء لأنهم انشقوا يعني أنه يبرر ولا يمانع أن يحمي بشار المجرمين الذين لديه، وبالتالي كل طرف يحمي المجرمين الذين في طرفه وستنتهي ولن تتحق العدالة”.
وزاد: “العدالة لا يعنيها موقف سياسي ولا تفكير الشخص ولا دينه ولا قوميته، يعنيها فقط أن هناك جرائم ضد الإنسانية ارتكبت وأن هناك آلاف الضحايا يجب أن يصلوا لحقوقهم، وأنّ مجرم من هذا النوع يجب أن ينال عقابه مهما كان ومن كان”.
لا فضائل لـ رسلان!
على منصّات التواصل الاجتماعي أشارت منشورات إلى أنّ “المتّهم بالقتل والتعذيب والاغتصاب الجسيم” (رسلان) ساعد في إطلاق سراح موقوفين، وهو ما نفاه البني في تأكيده أنّ رسلان “لم يساعد بإطلاق سراح أحد وربما كان هناك أوامر بمعاملة البعض بشكل جيد، ربما لكسبهم في المستقبل وكسب آرائهم وتعاطفهم”.
وعلى مبدأ الفصل بين الجريمة وفرضية الفضيلة، زاد المحامي الذي كان أحد ضحايا المتّهم، أنّه “ولو فرضنا أنه فعل ذلك هذا لا يبرر أنه قتل أناس وعذب واغتصب ومارس العنف الجنسي، وهذا لا يبرره أي فعل آخر، مسألة العفو عن أي مجرم هي من حق الضحايا ولا يحق لأي أحد أن ينصب نفسه عوضا عن الضحايا متجاوزا معاناتهم وحقوقهم في الوصول إلى العدالة”.
ماذا عن رفعت الأسد؟
يعيش عم رأس النظام السوري، وقائد سرايا الدفاع السابق، رفعت الأسد في أحد القصور الفرنسية، رغم أنّه متّهم بكتابة تاريخ دموي بدأ منذ ثمانينات القرن الماضي في ظلّ سيطرة شقيقه حافظ الأسد على الحكم.
وعن سبب عدم سوق الأسد إلى المحكمة، أرجع البني ذلك إلى أنّ “التأخر في رفع دعوى ضد رفعت أدى لوفاة الكثير من الشهود”.
ونوّه إلى أنّه ” في 2014 حركنا دعوى ضده وتجاوزنا الكثير من العقبات في قضية رفعت أمام القضاء السويسري وتم مصادرة بعض أمواله في فرنسا وإسبانيا.. نأمل أن يكون هناك ملف مماثل لملف رسلان ضد الأسد، بكل الأحوال إفلات أحد المجرمين من العقاب لا يبرر إفلات مجرم آخر من العقاب”.
بروكار برس