أبلغ المتهم الرئيس في أول محاكمة دولية تجري في ألمانيا، بشأن التعذيب الذي ترعاه الدولة في سوريا، المحكمة الألمانية أنه طلب حماية الشرطة في ألمانيا لأنه شعر بالتهديد من قبل مخابرات نظام بشار الأسد بعد أن تحول إلى جانب المعارضة.
وتحتجز الشرطة الألمانية أنور رسلان، 57 سنة، المسؤول عن مقتل 58 شخصاً وتعذيب 4000 آخرين أثناء توليه مسؤولية فرع الخطيب الأمني في دمشق.
كذلك تحتجز زميله المدعى عليه إياد الغريب، 43 سنة، المتورط في جرائم ضد الإنسانية، بعد أن ساعد في اعتقال المتظاهرين وتسليمهم إلى فرع الخطيب في خريف 2011.
وفي اليوم الثاني من جلسة الاستماع التي بدأت الخميس، أخبر محقق بالشرطة الألمانية المحكمة بأن الرجلين فرّا إلى ألمانيا بعد هروبهما من المخابرات السورية للانضمام إلى المعارضة. وقد اعترف الرجلان بروابطهما السابقة بنظام الأسد عندما استجوبتهما السلطات الألمانية.
وقال ضابط شرطة ألماني تم استدعاؤه إلى منصة الشهود للمحكمة، إن رسلان عمل لمدة 18 عاماً في أجهزة المخابرات السورية، وأنه قصد الشرطة الأمانية بنفسه لإخبارهم بماضيه في شباط/فبراير 2015، بعد خمسة أشهر من وصوله إلى ألمانيا. وقال المحقق إنه رسلان شعر “بالتهديد من قبل عملاء المخابرات السورية”.
هذا الأمر شجع الشرطة الألمانية على التحقيق في ماضيه. وجرى استجوابه مرتين من قبل الشرطة الجنائية، وقدم “معلومات واسعة ومتنوعة” حول ما فعله.
وأوضح المحقق أن رسلان شرح كيف قام الجنود بعمليات الاعتقال التعسفي في القسم 251 وكيف تمت ترقيته إلى “أعلى رتبة” في كانون الثاني/يناير 2011. وأفاد الضابط: “قال إن الاستجوابات تمت بالعنف”، موضحاً بالتفصيل أساليب التعذيب المختلفة التي تمارس في السجن.
بعدها بدّل رسلان موقفه وهرب من سوريا مع عائلته للانضمام إلى المعارضة في المنفى. حتى أنه شارك في محادثات السلام في عام 2014 في جنيف وحصل في النهاية على تأشيرة دخول إلى ألمانيا.
كما لاحظت وزارة الخارجية الألمانية “دوراً فاعلاً على ما يبدو” لرسلان في المعارضة. وقالت وسائل إعلام ألمانية ونشطاء سوريون إن رسلان كان يعتقد أن ماضيه سيتركه لأنه انضم إلى المعارضة.
إياد الغريب الذي يحاكم مع رسلان، وصل أيضاً إلى ألمانيا في نسان/أبريل 2018، لم يكن يسعى أيضاً لإخفاء ماضيه عندما قدم طلب اللجوء في أيار/مايو 2018، بحسب المعلومات التي قدمت في اليوم الثاني للمحاكمة.
وقدم الغريب “معلومات عن أنشطة أجهزة المخابرات السورية” إلى وكالة الهجرة واللاجئين الألمانية، التي تبت في طلبات اللجوء. وعمل الغريب تحت قيادة حافظ مخلوف، وهو ابن خال الأسد وشقيق رجل الأعمال رامي مخلوف.
ودافع أحد معارف الغريب، الموجود في ألمانيا منذ سنوات عديدة، عن أفعاله، قائلاً إنه اضطر إلى إطاعة الأوامر حتى لو علم بالتعذيب الذي يتعرض له المعتقلون. وقال زين الحسين ل”سودويتشه تسايتونغ”: “لو كان قد همس بكلمة واحدة ضد، لما كانت حياته أكثر قيمة من طلقة” مسدس.
وستبدأ المحكمة الثلاثاء، الاستماع لشهادات الضحايا، ضمن تداول الإجراءات المتبعة للقضية. وكانت جلسة الاستماع للشهود مقررة الاثنين، لكن بسبب عدم قدرة أحد الشهود على الحضور ليدلي بشهادته لأسباب مرضية، وإبلاغ محامي رسلان القاضي بأن الرد المكتوب لن يكون جاهزاً الإثنين، دفع القاضي إلى تأجيل الجلسة إلى الثلاثاء.
وبدأت المحاكمة في جلستها الأولى الخميس، ووصفتها المستشارة في برنامج العدالة الدولية في “هيومن رايتس ووتش” بلقيس جراح ب”اللحظة الفاصلة” بالنسبة إلى الضحايا المصممين على تحقيق العدالة عن الجرائم التي ارتُكبت بحقهم في سوريا.
المدن