《شارفت فصائل المعارضة السورية على الانتهاء من عمليات إعادة انتشار مقاتليها إلى جانب القوات التركية في القطاع الأول الممتد على جانبي الطريق أم-4 في منطقة جسر الشغور جنوبي إدلب، والأجزاء المتبقية من الطريق غرباً، في المنطقة الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف اللاذقية الشمالي》.
وتم خلال عمليات الانتشار الجديدة توزيع 1500 مقاتل على الأقل على عدد من نقاط التمركز الرئيسية والمقار والثكنات العسكرية على جانبي الطريق أم-4، بالإضافة إلى مواقع أخرى يتواجد فيها جنود الجيش التركي في المنطقة القريبة من خطوط التماس مع قوات النظام في جبل الزاوية وسهل الغاب جنوباً.
مقاتلو المعارضة ال1500 انتدبتهم فصائل من “الجبهة الوطنية للتحرير” للانتشار في قطاع جسر الشغور والزاوية جنوب وجنوب غربي إدلب، أهمها، “جيش النصر” و”الجيش الثاني” و”جيش النخبة”، ومن المفترض أن تنتهي عمليات الانتشار نهاية شهر نيسان/أبريل، بالتزامن مع انتهاء التحضيرات اللوجستية التي يقوم بها الجيش التركي في المنطقة، والتي تشمل تأهيل مواقع تمركز ونشر مخافر حراسة، وتحصين المقار والثكنات.
وكانت الفصائل المعارضة قد بدأت مطلع شهر نيسان/أبريل في تطبيق خطة عسكرية جديدة في إدلب ومحيطها، في أرياف حلب وحماة واللاذقية، وذلك بالتعاون مع الجيش التركي، وتتضمن الخطة المفترضة تقسيم المنطقة لأربعة قطاعات عسكرية، لكل قطاع إدارة عسكرية خاصة، وتنتشر فيه مجموعة محددة من فصائل “الجبهة الوطنية” التي تلتزم بانتداب 1500 مقاتل يتم اختيارهم من نخبة مقاتلي الفصائل لينتشروا في المواقع العسكرية بالمنطقة، ويكونوا على تنسيق مباشر مع القوات التركية المنتشرة في القطاع ذاته.
القطاعات العسكرية، الثاني والثالث والرابع، ما تزال عمليات انتشارها في بداياتها حتى الآن، ومن المفترض أن تنتهي منتصف أيار/مايو، وفي الغالب سيمتد القطاع الثاني في المنطقة الواقعة بين بسنقول غرباً، وترنبة القريبة من سراقب شرقاً، أي على جانبي الطريق وفي منطقة يزيد عرضها عن 12 كيلومتراً، شمال وجنوبي الطريق، وفي القطاع الثاني سينتشر 1500 مقاتل من فصائل “أحرار الشام” و”جيش الأحرار” و”صقور الشام” التابعة ل”الجبهة الوطنية”.
أما في القطاعين الثالث والرابع إلى الشمال من الطريق في ما تبقى من مناطق إدلب وحلب الغربي، سيكون “فيلق الشام” أكبر الفصائل في “الجبهة الوطنية” متزعماً للمجموعات القتالية التي ستنتشر تباعاً، والتي تضم أيضاَ مقاتلين من فصائل عدة، أهمها “الفرقة الساحلية الأولى” و”الفرقة الساحلية الثانية” و”الفرقة 23″ و “لواء الحرية الإسلامي”، وغيرها من الفصائل.
ولم يحسب حساب “هيئة تحرير الشام” في أي عمليات انتشار في القطاعات العسكرية الأربعة في إدلب، لكنها في الوقت نفسه غير مضطرة إلى إخلاء مواقعها، ما عدا النقاط القريبة من الطريق أم-4. التقسيمات تبدو عسكرية، وتهدف إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من التنسيق الأمني والعسكري بين الفصائل المعارضة والجيش التركي الذي أنهى تقريباً عمليات انتشاره على جانبي الطريق جنوبي إدلب باعتبارها آخر المناطق التي تركزت فيها التعزيزات التركية منذ بداية نيسان.
وتتناسب عمليات إعادة الانتشار التي أجرتها الفصائل في القطاعات الأربعة مع الترتيبات العسكرية التركية، فالتشكيلات التركية تنقسم فعلياً إلى أربعة ألوية لكل منها منطقة انتشار وقيادة عمليات محدودة ترتبط بالقيادة المركزية للعمليات شمال غربي سوريا، ومن المفترض أن تلتزم الفصائل بغرفة العمليات التركية في حال استؤنفت العمليات العسكرية من قبل قوات النظام والمليشيات الموالية. عملياً، المجموعات التي ستنتشر في القطاعات الأربعة ستشكل أربعة ألوية مسلحة تعمل جبناً إلى جنب مع القوات التركية.
وقال الناشط الإعلامي عبد الفتاح الحسين ل”المدن”، إنه “يمكننا القول بأن التقسيمات العسكرية في إدلب تهدف بالدرجة الأولى إلى تنظيم القوة الدفاعية المشتركة وتحقيق أكبر قدر ممكن من الفاعلية القتالية في حال عادت المعارك مجدداً”. وأضح أن “الستة آلاف مقاتل الموزعين على القطاعات الأربعة هم قوات النخبة لدى الفصائل وسيتم زجهم في العمليات الهجومية والدفاعية، ولا يعني ذلك أنه قد جرى فصلهم عن فصائلهم الأم. الآلاف المتبقية من مقاتلي فصائل المعارضة في الجبهة الوطنية سيكون لها مهام دعم وإسناد”.
ولا تقتصر مهام مقاتلي المعارضة في القطاعات العسكرية الأربعة على المشاركة في العمليات القتالية ضد قوات النظام والمليشيات، هجومية كانت أم دفاعية، بل سيكون لديهم مهام أخرى، أبرزها، حماية المواقع التركية في مناطق الانتشار في إدلب ومحيطها، كذلك ستكون صلة الوصل بين الجيش التركي والبيئات الاجتماعية المحلية، ومهام أخرى ربما يكشف عنها لاحقاً في حال استمر العمل باتفاق وقف إطلاق النار ونجحت مراحل تثبيته.
تقسيم إدلب لقطاعات عسكرية يشبه إلى حد ما التقسيمات الموجودة في مناطق “الجيش الوطني” في منطقتي “درع الفرات” و”غصن الزيتون” في ريف حلب، لكنها في ريف حلب أقل تنظيماً من إدلب، وأعداد المقاتلين فيها أقل، والاختلاف يبدو في نواحٍ أخرى، ففي منطقتي الدرع وغصن الزيتون أنشئت فصائل حماية للقواعد ومقار الجيش التركي، ومقاتلوها ليس لديهم أي مهمة أخرى غير الانتشار حولها وحمايتها، أهمها، “لواء الوقاص” و”لواء ساجدون”.
المدن