لم يعد بإمكان الفئات النقدية السورية المتداولة استيعاب التعاملات التجارية اليومية في الأسواق (الكاش)، نظراً لانهيار سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأميركي، الأمر الذي دفع بمراقبين اقتصاديين إلى المطالبة بإصدار فئات نقدية جديدة بقيمة أكبر.
ورصدت “المدن” دعوات للنظام بإصدار فئة 5000 آلاف ليرة سورية، للتقليل من أعباء حمل النقود التي تراجعت قيمتها الشرائية، في وقت تشهد فيه الأسواق ارتفاعاً كبيراً في أسعار السلع.
تلك المطالبات دفعت بالنظام السوري إلى الرد بشكل غير مباشر، إذ استبعدت صحيفة “الوطن” الموالية، إمكانية إصدار مثل هذه الفئة في الوقت الحالي، محذرة على لسان اقتصاديين من الأثر النفسي لدى المواطنين عند طرح مثل هذه الفئة، وخاصة مع حالة التراجع الكبير الذي سجلته القوة الشرائية في الأشهر الأخيرة.
موقع “اقتصاد مال وأعمال السوريين” المعارض، أوضح أن المواطن السوري بات بحاجة لحمل كمية كبيرة من الأوراق النقدية، من أجل شراء بعض الحاجيات البسيطة، بالإضافة إلى فقدان الفئات الأدنى من العملة إلى قيمتها ، وخروجها من التداول والتسعير، مثل فئة ال50 ليرة وما دونها.
الصحافي الاقتصادي السوري، فؤاد عبد العزيز، قلّل من احتمال إقدام النظام السوري على إصدار فئات نقدية جديدة، لأسباب متعلقة بعدم استقرار الأسواق المحلية والدولية، نتيجة جائحة كورونا.
وقال ل”المدن”: “لا نستطيع تخمين ما إذا كان النظام السوري سيقدم فعلاً على إصدار فئات نقدية كبيرة، و أزمة كورونا لا زالت قائمة”، مضيفاً أنه “في سوريا يمكن إصدار مثل هذه الورقة، غير أن الإقدام على هذا الخطوة رهن استقرار الاقتصاد العالمي، ومن غير المستبعد انهيار عملات دولية، ولذلك بتقديري من المستبعد أن يقوم النظام راهناً بطرح أي فئة جديدة، أو تغيير بوضع العملة”.
الخبير الاقتصادي، سمير طويل، رأى إن القول بجدوى هذا الطرح في سبيل كبح التضخم السائد في الأسواق السورية، يعبر عن قصور كبير، مضيفاً ل”المدن”، أن “طرح مثل هذه الفئة قد يزيد من تدهور العملة السورية، نظراً للأثر النفسي الذي ستخلفه هذه الخطوة بين الأوساط الشعبية”.
أمام مخاطرةوأكد طويل أن حاجة النظام للسيولة النقدية ازدادت، نظراً للخسائر الكبيرة التي تكبدها الاقتصاد السوري مؤخراً، نتيجة جائحة كورونا، وكذلك نتيجة تعطل الشريان الاقتصادي الذي كان يؤمنه “حزب الله” لتمويل المستوردات السورية، بسبب أزمة البنوك والمصارف اللبنانية، وانشغال إيران بأزماتها الاقتصادية التي استفحلت نتيجة انهيار أسعار النفط.
وقال إن “النظام السوري اليوم أمام مخاطرة، إما أن يقوم بطبع فئة ال5000 الجديدة، أو أن يقوم بزيادة طباعة الفئات النقدية المتداولة أصلاً (1000-2000)، مع تحمل كلفة طباعتها الكبيرة، مقارنة بطباعة فئة ال5000”.
واستدرك طويل قائلاً: “غير أن تداعيات طباعة هذه الفئة وأثرها النفسي، واحتمال تسجيل الدولار قفزات كبيرة مع طرحها، حيث من المتوقع أن يتجاوز سعر الدولار الواحد حاجز ال1500 مع الإعلان عن طرح هذه الورقة الجديدة ، تجعل النظام يراجع حساباته كثيراً قبل أن يقدم على هذه الخطوة”.
إقدام النظام السوري على طبع هذه الفئة واعتماد الفئات المالية الكبيرة، يؤشر إلى وصول الليرة السورية إلى حافة الهاوية، وهو ما يحاول النظام تفاديه، أو تأجيله على الأقل في المدى المنظور.

المدن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *