بقلم الأستاذ خالد حربا
منذ أيام خلت نتابع بالإعلام مظاهر خلاف حاد بين أقطاب السلطة الحاكمة في سوريا.
قطب السلطة المتحكمة بالقوة الأمنية والعسكرية والمؤسسات الحكومية
وقطب المافيا الاقتصادية التي تحكمت بمعظم الموارد الاقتصادية الاستثمارية في سوريا
وقد تمثل القطب الاول بآل الأسد وعلى رأسهم بشار ومن يدعمهم من القيادات الأمنية والعسكرية
وتمثل القطب الثاني بآل مخلوف وبعض العوائل المسيطرة بالطائفة العلوية والتنظيمات المسلحة التابعة لهم ومن يواليهم بالمؤسسات الاقتصادية والتنظيمات المسلحة.
هذا الخلاف الذي قوض تحالفا عمره عشرات السنين يعود لبدايات استلام الاسد الأب للسلطة للهيمنة على سوريا وجعلها أشبه بمزرعة والشعب السوري مرابعين لديهم.
فما هي أسباب الخلاف ومن يقف خلفه وما هي النتائج المتوقعة من هذا الخلاف
اسباب الخلاف ومن يقف خلفه
لا يمكن لمتتبع ومتعمق بالحالة السورية ان ينظر لهذا الخلاف من مظاهره الخارجية التي تجسدت بمحاولة السيطرة على أموال رامي مخلوف من جهة والظهور الإعلامي الذي حاول فيه رامي مخلوف استعطاف الطائفة العلوية للوقوف معه بمواجهة الحملة الموجهة ضده.
إنما يقف المتتبع لهذا الخلاف عند الاسباب الحقيقية له ويربطها بما سبقها ويرافقها من أحداث سياسية دولية والتغير الملموس بالمواقف الدولية حيال الحالة السورية.
فبعد ان قامت السلطة الحاكمة في سوريا بكل ما رسم لها من مخططات لتدمير سوريا أقتصاديا واجتماعياً وعسكريا وتعليمياً وكافة المجالات وخصوصاً البنية التحتية الخدمية والاقتصادية والسيطرة على مقدرات البلاد وتحويل سوريا لدولة فاشلة بكافة المعايير.
فلو نظرنا مثلاً للانهيار الاقتصادي الذي تمثل بانهيار العملة السورية لأكثر من 30 مرة وقد تتجاوز 40 مرة خلال الشهور القادمة إضافة للمديونية وتأثير القيود الاقتصادية التي ستترتب من صندوق إعادة الإعمار فقد تتجاوز نسبة تدهور الاقتصاد السوري 100 ضعف عكسياً
وبعد ان حققت السلطة الحاكمة في سوريا أهدافاً أخرى للدول المتحكمة بالساحة الدولية ولا مجال لذكرها الآن.
فقد قررت تلك الدول إنهاء دورها والاستغناء عنها والبحث عن حل سياسي يتماشى مع أهدافهم واطماعهم.
ومن هنا نستطيع القول :
ان خلف هذا الخلاف والشرخ بين اركان السلطة أياد خفية للمخابرات الدولية لتقويض اركان النظام السوري وتهيئة المناخ لقيام حكومة انتقالية على مقاسهم.
ولتبسيط الأمر ومقاربته لنعد بالذاكرة لما جرى بالعراق على سبيل المثال لا الحصر.
ورغم الاختلاف بين الحالتين من حيث الاسباب لكنهما تتقاربان من حيث النتيجة بعدة نقاط.
1 في العراق وخلال حربه مع إيران اغدق عليه المال والسلاح بدون حساب
وفي سوريا وجدنا نفس الامر قد تكرر خلال السنوات الماضية.
2 في العراق تم استنفاذ اقتصاده ووقع بمديونية خارجية كبيرة وخاصة لدول الخليج العربية
وفي سوريا تكرر الامر وبصورة أسوأ فقد وقع خلال السنوات الماضية عقوداً اقتصادية مهينة ومجحفة
3 في العراق تفككت الجبهة الداخلية وتجذر الحقد بين السنة والشيعة والاكراد والعرب.
وفي سوريا تعمقت الطائفية وتجذرت وتم التلاعب بالحالة الكردية
4 في العراق كانت نقطة البداية هي الإيعاز لدول الخليج العربية بالضغط على العراق لتسديد ديونه مما نتج عنه خلافاً كبيرا تطور لاجتياح الكويت
وفي سوريا تكرر الأمر ذاته بالمطالبة الروسية للنظام بتسديد مستحقاته المالية
5 في العراق صدر قانون النفط مقابل الغذاء لتدمير الاقتصاد العراقي
وفي سوريا صدر قانون سيزر لتحقيق الغاية ذاتها.
6 في العراق قامت أمريكا وبعضالدول خارج قرارات مجلس الأمن الدولي بتدمير القوة العسكرية للعراق واحتلاله.
وفي سوريا نلاحظ استهداف اسرائيل وأمريكا المواقع الاستراتيجية العسكرية للنظام والتي لم تتضرر من القتال الدائر بسوريا ويتم التلميح والتصريح من هنا وهناك ان كافة الجيوش الخارجية ستخرج من سوريا باستثناء روسيا
7 في العراق شكلوا حكومة على مقاسهم تحقق مصالحهم وتكمل مهمة تدمير اقتصاد العراق ومنعه من النهوض.
وفي سوريا سنشهد الأمر ذاته ولن تكون الحكومة الانتقالية وما بعدها افضل حالاً من حكومة( بريمر ) بوجوه عراقية وما تبعها من حكومات.
فهل نعي نحن السورية خلفية هذا الخلاف الظاهر بين أقطاب السلطة الحاكمة في سوريا.
وخطورة المرحلة المقبلة ونتخلى عن تحزبنا وتخندقنا الضيق ونشكل كيانا ثوريا وطنياً متماسكاً يفشل المخططات الخارجية لتحصين سوريا مستقبلاً كي لا يحل بها ما حل بالعراق. إنها مسؤول وطنية تضع الجميع أمام مسؤولياتهم وإن كانت تلك المسؤوليات تختلف بين مواطن وآخر ومكون وآخر.