روشن قاسم

* الحل النهائي لا يمكن أن يكون تأمين ملاذ آمن خارج البلاد، وأيضاً لا يمكن الاستسلام لمخطط تفريغ العراق من مكوناته
* لا يمكن أن يغادر كل الإيزيديين والمسيحيين والشبك والكاكائيين وغيرهم من الإثنيات والأديان العراق
* العراق أعلن «النصر» على تنظيم داعش الإرهابي نهاية عام 2017، بعد معارك دامية لأكثر من ثلاثة أعوام، لكن العراق اليوم يسير بحكومة تصريف أعمال منذ خمسة أشهر
* في الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي، قامت عناصر تنظيم داعش، بـ85 هجومًا، تسبب في مقتل 70، وخطف 41 مواطنًا من المناطق المتنازع عليها.
* في شهر أبريل الماضي، تم تسجيل 37 هجومًا، وذلك دليل على ازدياد نشاط داعش
* خط الدفاع في المناطق المتنازع عليها ضد التنظيم يبدأ من منطقة خانقين على الحدود الإيرانية وينتهي في منطقة الربيع على الحدود السورية ويبلغ طوله نحو 1000 كم متر بطول خمس محافظات عراقية
* هناك خط لتوزيع قوات البيشمركة وخط لتوزيع القوات الاتحادية، لكن على أرض الواقع هناك فراغات كبيرة بين توزيع الخطين للقوات
* لحين تشكيل حكومة جديدة فإن التفاهمات والاتفاقات بين البيشمركة والقوات العراقية ستظل حبراً على ورق، فيما سيتهيأ داعش للحظة انسحاب التحالف الدولي للبدء في فصل آخر من الإرهاب


السليمانية:«الثامنة صباحا من يوم 14 أغسطس (آب) 2007، أي قبل ظهور تنظيم داعش الإرهابي بستة أعوام، أتذكر جيدا ذلك التاريخ، تعرض مجمع القحطانية (يقطنه أبناء الديانة الإيزيدية بالقرب من قضاء سنجار في محافظة نينوى بشمال العراق) لسلسلة انفجارات أعقبت هجوماً انتحارياً بشاحنات مفخخة، راح ضحيتها ما يقارب 300 إيزيدي… فقد 800 شخص حياته وأصيب الباقي بجروح وعاهات مستدامة، مما جعل هذا الهجوم الأكثر دموية في العراق بعد دخول القوات الأميركية، وثاني أكبر الهجمات من حيث عدد القتلى في العالم بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول)، كان يوما أسود، وجدت أن عددا كبيرا من الأطفال بين المتضررين قررت مساعدتهم وأنهيت إجراءات سفرهم لألمانيا حتى يتلقوا علاجهم هناك، بعد سنوات ظهر تنظيم داعش الإرهابي، وتكررت الجرائم ضد الإيزيديين ضد أبناء شعبي، نقلت 1100 من ضحايا الأسر الداعشي من النساء والأطفال إلى ألمانيا، وفي 2020 يحوم الشر مجددا حول مناطقنا سؤال يؤرقني: من سيبقى؟ وماذا سيتبقى لنا منا». 
الكلام لميزا دنائي، طبيب إيزيدي يعيش في ألمانيا، ومؤسس «منظمة الجسر الجوي العراقي- الألماني» لمساعدة أطفال العراق.


محتجزون لدى أكراد الشمال السوري، يُشتبه في انتمائهم إلى تنظيم داعش، في مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا. تقول مصادر كردية إن نحو 12000 من مقاتلي «داعش» بينهم سوريون وعراقيون فضلاً عن آخرين أجانب من 54 دولة محتجزون في السجون التي يديرها الأكراد في شمال سوريا (غيتي)


 
الأقليات… وماذا بعد؟
ويعود دكتور دنائي بذاكرته إلى لقائه بأول فتاتين هربتا من السبي، وشرحتا له جميع الممارسات المشينة، ويقول لـ«المجلة»: 
غم تكرار مشاهد التعذيب والاغتصاب والتجويع والتي كانت تلقى على مسامعي لأعيش الالم مضاعفا وأنا أسمع قصصهن، فالكثير من الفتيات أصبحن أيقونات للنضال ضد الاستعباد الجنسي، منهن لمياء ونادية مراد… لمياء أثرت بي كثيرا، خاصة أنها استعبدت من قبل طبيب وكان مديرا لمشفى الإسلام بالحويجة، هذا الطبيب اشترى لمياء وفتاتين أخريين، إحداهما كانت طفلة تبلغ 9 سنوات قام باغتصابها وتعذيبها بشكل وحشي إلا أن القدر خانهن حتى عندما حاولن الهرب وقعن فريسة عبوة ناسفة سلبت حياة الطلفة والفتاة الأخرى، أما لمياء فتعرضت لحروق عميقة، وفقدت إحدى عينيها، وتمكنا من نقلها إلى ألمانيا وإجراء عملية لها لإنقاذ العين الأخرى… تمكنت من نقل أكثر من 1100 من الناجين من الأسر لدى تنظيم داعش الإرهابي معظمهم من النساء اللائي تم إبقاؤهن كـ«إماء جنس»، وأطفالهن إلى ألمانيا، حيث كانت بداية برنامج الإنقاذ واللجوء غير المسبوق من أزمة لم يسبق لها مثيل وهي «إبادة الإيزيديين على أيدي داعش».
يدرك الطبيب الإيزيدي أن الحل النهائي لا يمكن أن يكون تأمين ملاذ آمن خارج البلاد، وأيضا لا يمكن الاستسلام لمخطط تفريغ العراق من مكوناته… لا يمكن أن يغادر كل الإيزيديين والمسيحيين والشبك والكاكائيين وغيرهم من الإثنيات والأديان العراق. 
يقول الدكتور دنائي: هناك تدفق مستمر من الإيزيديين الذين فروا من الأسر الداعشي وتكبدوا عنفا جسديا ونفسيا غير مسبوق، ورحلة هروب محفوفة بالمخاطر، وأصبح بعض النساء حوامل نتيجة الاغتصاب، وآخرون كانوا في حالة ذهول شديد بسبب ما عانوه من انتحار أقاربهم ويعانون من أزمات نفسية عميقة، مستدركا: لكن ما زال هناك جيوب لداعش في كل مكان في العراق، أحد الأسباب التي تشعر الإيزيديين بفقدان الشعور بالأمان، ولهذا لا يستطيعون العودة إلى مناطقهم.
ويتسائل الدكتور دنائي قائلا: «كيف يمكن للناجيات أن يشعرن بالأمان وأحد أكبر المجرمين الذين أفتوا بسبي الإيزيديات يتزعم تنظيم الإجرام، تسلّم الإرهابي التركماني خلافة أبو بكر البغدادي، وهو واحد من المجرمين الذين شرعنوا الفتاوى الإجرامية لسبي الإيزيديات وكان عراب ارتكاب الجرائم البشعة بحق الإيزيديين… نكسة كبيرة أثرت بشكل كبير على نفسية الناجيات، خاصة اللواتي كان لهن احتكاك مباشر مع هذا المجرم القاتل، وبدل أن ينال قصاصه وتتم ملاحقته من قبل الأجهزة الأمنية العراقية، تتوجه الحكومة لإعادة أكثر من 32 ألفًا من العائلات الداعشية لإسكانها في مجمعات بالقرب من سنجار، وتدرك الحكومة أن جلب هؤلاء الدواعش إلى مناطق احتكاك مع الضحايا الإيزيديين هي جريمة كبيرة واستفزاز للضحايا إذ لا يزال 80 في المائة من الإيزيديين من أهالي سنجار في مخيمات النزوح ولا يستطيعون العودة إلى مناطقهم ولا يزال هناك أكتر من 2900 من النساء والأطفال بأيدي داعش ومصيرهم مجهول، عدا عن عشرات المقابر الجماعية لم تكتشف لحد اليوم، والآن يريدون أن يأتوا بالجلادين ليجاوروا الضحايا، هذا إجحاف وظلم بحق جميع الأقليات وليس الإيزيديين فقط».
كلام الطبيب الإيزيدي وتخوفاته تأتي بعد الأنباء المتواترة عن تصعيد داعش لهجماته في مختلف مناطق العراق، حيث ضاعف تنظيم داعش الإرهابي خلال الشهر الماضي هجماته ضد القوات الأمنية ومرافق الدولة في العراق، مستغلاً بحسب مراقبين تفشي جائحة كوفيد-19. وانسحاب قوات التحالف الدولي والانقسام السياسي.
وكان العراق قد أعلن «النصر» على التنظيم الإرهابي نهاية العام 2017، بعد معارك دامية لأكثر من ثلاثة أعوام، لكن العراق اليوم يسير بحكومة تصريف أعمال منذ خمسة أشهر، بعد استقالة عادل عبد المهدي من رئاسة الحكومة عقب الاحتجاجات الشعبية الغاضبة في الساحة العراقية، وسقوط مئات القتلى والجرحى بين المتظاهرين، كما أن القوات الأمنية منشغلة بفرض حظر التجول لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد.


يمكن تقسيم الفصائل الشيعية من حيث تقليدها الفقهي المذهبي، إلى: 44 فصيلاً مقلدًا للمرشد الأعلى في إيران علي خامنئي، و17 فصيلا مقلداً للمرجع الأعلى في النجف علي السيستاني، و6 فصائل مقلدة لمرجعيات شيعية أخرى من داخل وخارج العراق


 
داعش ولاية بأحد عشر قاطعا
إذن، ما مدى واقعية الاحتمال القائم على أن داعش يتأهب ليعود إلى المشهد الأمني في العراق، إذ يكشف المحلل الأمني والمتخصص في شؤون الحركات المتطرفة هشام الهاشمي في تصريحات لـ«المجلة» عن أن تنظيم داعش في عام 2020 في العراق يمكن اعتباره ولاية تنقسم إلى 11 قاطعا، وعمليا هذه القواطع تتعامل مع الولاية بلا مركزية كاملة، عسكريا، ماليا، إداريا، من ناحية التجنيد والعمليات، وحتى إعلاميا، حيث لا يوجد عاصمة سرية أو معلنة في ولاية داعش في العراق، بل لديهم مناطق تنسيق مشترك بين مثلث كركوك وصلاح الدين وديالى، إلى منطقة جزيرة جلام، وتعتبر المنطقة الأكثر تأثيرا، ويمكن اعتبارها نقطة الاتصال بين هذه القواطع الثلاثة، وهم أيضا في جزيرة راوة وهي نقطة التواصل بين غرب نينوى وغرب صلاح الدين وشمال الأنبار، أيضا في منطقة تلال العطشانة وهي نقطة تأثير على المناطق المتنازع عليها بجنوب إقليم كردستان، وغرب العراق باتجاه سنجار ووصولا إلى مناطق الساحل الأيمن للموصل. 
إذن هم الآن يعتمدون على نقاط التنسيق في هذه المناطق وبالتالي نقاط التنسيق بين الأحد عشر قاطعا تعتبر مراكز التحكم والسيطرة التي ترتبط بمسؤول الولاية لتجهز العمليات، حيث تبدأ بعمليات التأثير مرة واحدة وبشكل متناظر في القواطع الثلاثة التي تتصل بها».
ويضيف الهاشمي: «اليوم تنظيم داعش أصبح يقاتل داخل أحزمة المدن الريفية ويهاجم داخل المدن الحضرية، وهكذا عمليات من المفترض أن تنتبه إليها دوائر الاستخبارات والمعلومات، إذ إن الإرهابي يحتاج لتنفيذها إلى عدة أمور فهو بحاجة إلى مضافة قريبة للهدف وأخرى بعيدة، وبينهما ناقل وساعي بريد وعنصر استخباري ومجهز السلاح والأحزمة الناسفة، وهم بحاجة إلى معسكر للتــدريب الرياضي والعسكري ومقر للتحكم والسيطرة لتقديم القــدرات الخططيــة والتــي تظهــر بوضــوح في تنفيذ العمليات الجماعيــة والارتباط والتنــسيق العملياتي الخططــي يبرز لنــا بوضــوح في هجوم يوم 2 مايو (أيار) على نقاط المرابطة للحشد الشعبي في ناحية مكيشيفة».
ويوضح: «داعش انتهى من مرحلة التكوين للهيكل التنظيمي في بداية 2020 وبعدها بدأ يعمل كتنظيم ضمن حدود منظمة، وليس كتنظيم يسعى إلى امتلاك الأرض ورفع أعلامه عليها، وبالتالي سوف يكون الفرق واضحا، فداعش التنظيم اليوم يشبه داعش عام 2012 إلى 2014 وما يحتاجه ثلاثة أشياء، وهي التمويل الذاتي والانتقام من الخصوم والتجديد»، منوها إلى أن «معظم القواطع الأحد عشر هي من العراقيين المحليين، فمثلا بمجموع 1122 عملية نفذها داعش ابتداء من يناير (كانون الثاني) إلى 1 مايو (أيار) 2020. أي خلال أربعة أشهر نفذ 1122 عملية. ومن جهتها قامت القوات المشتركة العراقية بـ1060 عملية كردة فعل، ونلاحظ أن من بين 1122 عملية لداعش تبين أن داعش لم يستخدم عنصرا أجنبيا انتحاريا إلا في محافظة كركوك خلال محاولة تفجير استخبارات كركوك حيث قام يوم 28 أبريل الماضي بتنفيذها إرهابي ليس عراقيا بحسب بيان وكالة (أعماق) الداعشية وهذا معناه أنهم لا يمتلكون عددا كبيرا من المقاتلين الدواعش غير العراقيين»..
ويشير إلى تواجد «كل أقسام القوات المسلحة العراقية في المناطق التي يتواجد فيها خلايا لداعش، وأن هناك شرطة اتحادية وجيشا عراقيا وهناك قوات حرس الحدود والحشد الشعبي الشيعي والحشد العشائري السني وهناك حشود الأقليات، حشد المسيحيين وحشد الشبك والتركمان والإيزيدية»، مشيرا إلى أن «مناطق التنسيق المشتركة بين القواطع هي مناطق مفتوحة ولا يمكن تغطيتها بموارد بشرية بشكل كامل، فمثلا مثلث كركوك صلاح الدين ديالى هناك مئات من القرى المهجورة في صحراء وتلال ووديان وتضاريس وبساتين ومناطق زراعية والكثير من الجداول النهرية، كل ذلك يمنع القوات التقليدية أن تتحرك بسهولة وأيضا المرابطات الموجودة في تلك المناطق غالبا ما يكون هناك تقصير معها في الدعم اللوجيستي وبالتالي خلايا داعش تستغل هذه الظروف وتقوم بالقضاء أو الهجوم على هذه المرابطات».
الظرف السياسي بخلافاته وصراعاته المتشابكة يكاد يماثل المشهد السياسي لعراق عام 2012 و2014. أي مرحلة التهيئة للخلافة المزعومة، ما المانع أن يتكرر ذات السيناريو اليوم، فالمشاكل العالقة بين بغداد وأربيل أكبر اليوم والخلافات السياسية والصراعات حتى ضمن البيت الشيعي أكبر اليوم، انتهاكات في مناطق السنة واستياء أبناء تلك المناطق من ممارسات الحشد الشعبي، أضف إلى كل ذلك إيران التي تستفرد اليوم بصياغة المشهد السياسي وتتحكم في مفاصل عدة رغم أن رأي الخبير الأمني هشام الهاشمي أن داعش اليوم في «مرحلة منظمة تمهد لمرحلة تحتاج إلى سنة أو أكثر ولكن لا نعرف ساعة الصفر لدى هذا التنظيم ويتوقف على تأكدهم من أن التحالف الدولي انسحب من العراق»، مؤكدا أن «الأمر مرهون بانسحاب التحالف الدولي، وهو الوحيد الذي سيحفز هذا التنظيم لسيطرته على أراضٍ من العراق عدا ذلك هذا التنظيم سيعمل كمنظمة للتمويل الذاتي للثأر وإثبــات الوجــود، أي إعادة القدرة على التكيف مع كل التحديات والتهديدات المحتملة، بغرض التمويل الذاتي ومرونة التنقل والتخفي، إضافة إلى عرقلة وتهديد مشاريع الاستقرار وعودة النازحين في المناطق المحررة، كنوع من الانتقام».


هنالك نية لدى الفصائل العشائرية للانضمام إلى حشد العتبات، أي حشد السيستاني، بسبب شعورها بالتهميش وعدم المساواة مع الحشود الولائية
 


 
يونيو الحسم
ويكشف الهاشمي قائلا: «إن نقاشات ستبدأ في منتصف يونيو (حزيران) المقبل بشأن انسحاب القوات الأميركية والنقاشات بين الحكومة العراقية والأميركان حول القرار الأخير للعراق بشأن انسحاب هذه القوات، والأميركان جادون في قضية الاستجابة للطلب العراقي في حال طلب منهم الانسحاب، فالأميركان في مفاوضات يونيو سيبدون جدية للاستجابة للطلب العراقي وإذا ما طلب العراق منهم الانسحاب فسوف ينسحبون، الأميركان سيخبرون الجانب العراقي بتبعات الانسحاب، وإذا أصر العراق على الانسحاب بالتأكيد سوف ينسحبون، 50 في المائة من البرلمانيين شيعة، لديهم نصف وزارات الحكومة، على مستوى مجلس الوزراء يمكن أن يشرعوا قانونا وعلى مستوى المجلس النيابي سوف يمرر ولن يخالفوا إيران فإيران تريد ذلك».
وخلال شهر أبريل ساعد التحالف الدولي العراق فقط في عمليتين وكان بناء على طلب مباشر من قبل القيادة المشتركة العراقية.
ونشر التحالف الدولي في العام 2014 قواته في العراق لمساندة القوات الأمنية المحلية في قتال الإرهابيين، عبر تنفيذ ضربات جوية وتقديم الاستشارة والتدريب.
وكشف تقييم لوزارة الدفاع الأميركية، العام الحالي، أن القوات العراقية لا تزال غير قادرة على الوصول للمعلومات الاستخباراتية واستخدامها بشكل كاف في الغارات ضد تنظيم داعش بمفردها، أو تنفيذ العمليات في مناطق وعرة دون مساعدة التحالف الدولي، مما يشير إلى أن الأجهزة العسكرية والأمنية والاستخباراتية ستكون شبه عاجزة عن صد هجمات داعش أو وضع نهاية للتنظيم في العراق خاصة في ظل الحديث عن خلافات وغياب للتنسيق بين تلك الأجهزة، بين الولائي والمرجعي، وبين الشعبي والعشائري.


أحد المعتقلين بتهمة الانخراط في تنظيم الدولة (مكتب الأسايش)


 
فوضى المؤسسة العسكرية
وتشكلت وحدات الحشد الشعبي سنة 2014، على أثر فتوى من المرجع الديني الأعلى علي السيستاني، ووعدت بصد تقدم تنظيم داعش في العراق.
والحشد من حيث الرايات والتسميات ونسبته إلى المكون الشيعي في بدايات تأسيسه ولغاية عام 2018، ويتكون من 67 فصيلا شيعيا، و43 فصيلا سنيا، و9 فصائل تتبع الأقليات في مناطق شمال البلاد، ويمكن تقسيم تلك الفصائل الشيعية من حيث تقليدها الفقهي المذهبي، إلى 44 فصيلا مقلدا للمرشد الأعلى في إيران علي خامنئي، و17 فصيلا مقلدا للمرجع الأعلى في النجف علي السيستاني، و6 فصائل مقلدة لمرجعيات شيعية أخرى من داخل وخارج العراق.
وهناك تياران منقسمان فقهيا داخل الحشد الشعبي، فالأول بقيادة أبو مهدي المهندس الذي قتل مع الجنرال الإيراني قاسم سليماني بضربة أميركية مطلع العام الحالي ويرجع بالتقليد إلى خامنئي، فيما يرجع التيار الثاني وهو مكون من مجمل الفصائل المرتبطة بـ«العتبات» في العراق، إلى المرجع علي السيستاني.
وبسبب هذه الخلافات أصدر رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي قبل أسبوعين، قرارا يقضي بوضع 4 فصائل مسلحة موالية للسيستاني، تحت قيادة القائد العام للقوات المسلحة بدلا من قوات الحشد الشعبي، والفصائل الأربعة هي فرقتا الإمام علي والعباس القتاليتان ولواءا علي الأكبر وأنصار المرجعية.
هذه الخطوة يعتبرها مراقبون أنها تمهد لعزل الميليشيات المسلحة الموالية لإيران وأن انسحاب هذه الفصائل المدربة والمجهزة جيدا من هيئة الحشد الشعبي، هو قرار من قبل السيستاني لضمان عدم استغلال فتواه من قبل الميليشيات الموالية لإيران.
ويشير الخبير الأمني هشام الهاشمي قائلا إن «كثيرًا من الموارد البشرية لكل قوات هيئة الحشد الشعبي تبلغ 164 ألف منتسب وعنصر قتالي ولوجستي، يغطيهم القانون 40 لعام 2016، ويعتمدون هيكلا تنظيميا أسست له الأوامر الديوانية الصادرة في عام 2019، وهي 237، 328، و331، حيث إن عدد العناصر البشرية التابعة للمكون الشيعي نحو 110 آلاف عنصر، وللمكون السني نحو 45 ألف عنصر، ولمكونات الأقليات نحو 10 آلاف عنصر»، لافتا إلى أن «الموارد البشرية للحشد الولائي تبلغ نحو 70 ألف عنصر، وحشد المرجعيات الأخرى بما فيها قوات سرايا السلام نحو 40 ألف عنصر، ويمكن اعتبار أن الهيكل التنظيمي القيادي والإداري لهيئة الحشد الشعبي يدار بنسبة 80 في المائة من خلال قيادات وإدارات تنتمي لمرجعية الحشد الولائي (الموالي لإيران)، في حين أن الحشود المرجعية وحشود السنة والأقليات ليس لديهم مناصب قيادية عليا أو وسطى داخل الهيكل التنظيمي لهيئة الحشد».
ويضيف أن «هيكلية هيئة الحشد الشعبي بحسب الأوامر الديوانية الصادرة لعام 2019 نظمت الحشد على ألوية، فأصبح عدد الألوية 64 لواءً موزعا على 8 محاور قيادات عمليات قوات الحشد الشعبي. 
الأمر الديواني 237 لعام 2019 مهد لفك ارتباط فصائل الحشد الشعبي بالأحزاب والكيانات السياسية والدينية. 
والأمر الديواني 328 لعام 2019 جعل للحشد تمثيلا تنسيقيا مشاركا داخل القيادة المشتركة للقوات المسلحة العراقية، والأمر الديواني 331 لعام 2019 أسس لهيكلية تنظيمية وإدارية».


افتتاحية صحيفة «النبأ» الأسبوعية التابعة لتنظيم الدولة نشر مقالا تحت عنوان «رمضان شهر الانتصارات والفتوحات»


 
العشائري على خطى العتبات
وحول الخلافات مع الحشد العشائري، كشف الهاشمي عن نية «الفصائل العشائرية للانضمام إلى حشد العتبات، أي حشد السيستاني، بسبب شعورها بالتهميش وعدم المساواة مع الحشود الولائية، وهو شعور يكاد يكون عاما لدى الجميع وهناك، بالإضافة إلى 4 ألوية من حشد المرجعية، نحو 10 أخرى تدين بالولاء للسيستاني، و14 لواء سنيا من الحشد العشائري والمناطقي، فالفصائل العشرة، والفصائل السنية، وسرايا السلام، يكون مجموع أفرادها 90 ألفا، سيخرجون من مجموع 164 ألف شخص هم التعداد الكلي لقوات الحشد الشعبي»، معتقدا أن «هذه الخلافات ستشل هيئة الحشد، بسبب ارتباطات الفصائل التي لها ارتباطات سياسية وعسكرية داخلية وخارجية».
وفي ختام حوارنا معه أكد أن «التشكيل الحالي لهيكلية هيئة الحشد الشعبي لم يعد يتفق مع النظام السياسي الحالي وما اعتراه من تغيرات، فالمعترضون على هيكلية الحشد اليوم أكثر بكثير مما كانوا عليه عند إنشائها. وهي تواجه في الوقت الحالي الكثير من الأزمات علاوة على أن الدول الكبرى الغربية والعربية تحث العراق على حل هيئة الحشد أو تحجيم أدوارها وصلاحياتها أو تقليص مواردها البشرية أو مراجعة عمليات دمجها مع القوات النظامية أو اعتبارها قوات احتياطية تستدعى عند الحاجة مع راتب تقاعدي منصف… فالهيكلية الحالية للحشد الشعبي لا تعبر عن التغيرات الدراماتيكية السياسية والاقتصادية الحالية ولا بد من تعزيز فاعلية الحشود الأخرى الولائية في زمن يشهد أزمات متعددة ومتشعبة منها الإرهاب الدولي والصراعات الداخلية والدولية وزيادة الفقر، وكل ذلك يؤثر على ضرورة إعادة هيكلة هيئة الحشد».
ويبدو أن الحشد الولائي (الموالي لإيران) بحاجة إلى حشد المرجعية كأداة ضرورية لتبرير وجود هيئة الحشد الشعبي دينيا وعلاقة تأسيسه بالفتوى الصادرة عن مرجعية النجف، والتي اشتهرت بفتوى «الدفاع الكفائي»، يعني ذلك أن انسحاب فصائل المرجعية من الحشد سيصعب على قيادات الميليشيات استخدام فتوى المرجعية لتبرير وجودها وفي ظل ما يجري يبدو أن الحشد الشعبي كان في حاجة ملحة لتلميع صورته وبريقه الذي فقده عقب المظاهرات التي شهدتها العراق من العام الماضي واتسعت رقعة الاحتجاجات لتشمل المحافظات العراقية والحشد اتهم أنه كان وراء قمع الاحتجاجات، إلى جانب قضية الانسحابات هيئة الحشد كمنظومة عسكرية شبه مستقلة، والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن: من المستفيد من عودة داعش، وبالتالي مبرر البقاء، هذا السؤال طرحه علينا الشيخ عبد الرزاق الشمري زعيم تجمع القوى العراقية، عندما سألناه عن احتمالية تكرار سيناريو 2014.
 


الشيخ عبد الرزاق الشمري زعيم تجمع القوى العراقية لـ«المجلة»: الحشد هو المستفيد الأول من عودة داعش وما يجري في محافظاتنا خلال الفترة الأخيرة من هجمات لداعش هو جزء متمم للمؤامرة التي حيكت ضدها في 2014


السنة ضمن دائرة الاستغلال
وفي حوار أجرته «المجلة» مع رئيس تجمع القوى العراقية لرفض التوسع الإيراني الشيخ عبد الرزاق الشمري، يقول: «إن الحشد هو المستفيد الأول من عودة داعش وإن ما يجري في محافظاتنا خلال الفترة الأخيرة من هجمات لداعش هي جزء متمم للمؤامرة التي حيكت ضدها في 2014، ولكن يبدو أن هذه المؤامرة الآن تختلف في وجوهها حيث كان المشاركون في تلك المؤامرة دواعش فعلا، لكن الذين ينفذون الآن هذه المؤامرة هم (ماعش)، أي الميليشيات التابعة لإيران، ولكن في إطار داعش».
ويضيف الشمري أن «المستفيد الوحيد من كلتا المؤامرتين هي إيران، فهذه المؤامرة الجديدة المتممة للمؤامرة الأولى جاءت بعد أن انتفض أبناء المحافظات يطالبون بخروج هذه الميليشيات من مناطقهم، هذه الميليشيات التي عاثت في الأرض فسادا والجرائم التي ارتكبتها بحق أهالي مناطقنا، الآن جميع أبناء المحافظات السنية تطالب بإخراج هذه الميليشيات من هذه المحافظات، فإن البعض منهم ذهب إلى أبعد من ذلك؛ إلى المطالبة بإقليم خاص بهذه المحافظات».
ويشير إلى أن «الحشد العشائري هو عملية تبرير من قبل المشروع الإيراني بأن مشروعهم يشمل جميع المحافظات وجميع المكونات. والحشد العشائري لا حول له ولا قوة، وأضرب لكم مثلا واحدا عندما تم تحرير الفلوجة من داعش عام 2016 كان هناك حشد عشائري، 1500 مقاتل من الحمانية لم يسمحوا لهم بالمشاركة بتحرير الفلوجة، إذن الحشد العشائري هي عملية غطاء من أجل إيهام العالم بأن الحشد الشعبي يضم جميع مكونات الشعب العراقي»، محذرا من أن «انسحاب القوات الأميركية من العراق يعني أن جميع المحافظات السنية سيكون حالها أسوأ حالا من الأحوازيين في إيران».
ويلفت إلى أن «معبر القائم تحت سيطرة الحشد الشعبي ففي القائم معبران معبر رسمي تابع للحكومة المركزية ومعبر آخر باتجاه الجنوب هو تحت سيطرة حزب الله وهذا المعبر تدخل منه القوات وتخرج ويتم نقل معدات وأسلحة وغيرها من دون أي تدخل أو إذن من الحكومة العراقية»، كاشفا عن أن لديه معلومات تفيد بأن «عناصر من داعش تم إدخالها إلى العراق بتواطؤ من حزب الله، من خلال هذا المعبر، وأن هناك الآن مطالبات ليس من أبناء محافظة الأنبار فقط وإنما جميع المحافظات السنية الآن تطالب بإخراج الميليشيات من هذه المحافظات، لأن هذه الميليشيات تتصرف بشكل سيؤدي إلى عودة العراق إلى المربع الأول».
وتربط العراق وسوريا 3 معابر بتسميات مختلفة على الجانبين، وهي معبر ربيعة من جهة العراق، والذي يقابله اليعربية في سوريا، والوليد من جهة العراق، ويقابله التنف على الجانب السوري، والقائم ومقابله البوكمال من في سوريا.
وفي جانب آخر يشير الشمري إلى أن «جميع النازحين الذين لم يسمح لهم بالعودة إلى مدنهم هؤلاء يمكن أن يكونوا قنبلة موقوتة لكل من يأتي ويرفع شعار الخلاص من إيران، ولذلك أنا أقول إن داعش في 2014 نجحت في استغلال هؤلاء المغفلين الذين كانوا مطلوبين من حكومة بغداد، فقد ظنوا بداعش خيرا فحل بهم ما حل نتيجة وقوفهم إلى جانب داعش لذلك على المجتمع الدولي أن يحتضن هؤلاء ويجب أن يوفر لهم أمنهم وأمانهم وأن يعيدهم إلى مناطقهم كي لا تستغلهم الحركات الإرهابية سواء كانت داعش أو ماعش».
ويتابع، مشيرا إلى أن مشروع حركته هو المطالبة بإقليم خاص للمحافظات السنية، ويقول في هذا الصدد: «ندعو إلى إنشاء إقليم ضمن الدستور الكونفدرالي ونناشد المجتمع الدولي وفي مقدمته أميركا أن يدعمنا بهذا المشروع، لأن أميركا هي من أوقعتنا تحت سيطرة إيران وهي المسؤولة عن كل ما يحدث في هذه المحافظات. وفي وجهة نظري نحن كمواطنين أبناء هذه المحافظات لا يمكننا الخلاص من إيران إلا بإقليم خاص بنا»، مستدركا: «لكننا متوقفون حاليا لنرى ماذا سينتج عن انتفاضة أكتوبر (تشرين الأول)، حيث إن انتفاضة تشرين وبحجة كورونا استطاعوا أن يحجموها ويضعفوها لكن هناك بعض المعلومات بأن الانتفاضة ستعيد نشاطها، وإذا لم تحقق الانتفاضة نتائجها سيكون لنا موقف جاد باتجاه الإقليم».
ويختم قائلا: «الآن مطلبنا الوحيد هو خروج هذه الميليشيات من محافظاتنا وحتى من حزام بغداد ومن شمال بابل ومن ديالى لن تبقى هذه الميليشيات في مناطقنا، وإذا عجزت الحكومة عن إخراجها فنحن قادرون على إخراجها. أما حجة محاربة داعش فنحن من أخرجنا داعش والقاعدة ونحن قادرون على حماية مناطقنا، ولا نحتاج إلى هذه الميليشيات، وإذا بقيت سيكون الثمن غاليا».
 
المناطق المتنازع عليها في مواجهة الخطر المحدق
يجمع المحللون الأمنيون على أن المناطق المتنازع عليها والمشمولة بالمادة الدستورية 140 ستكون في مواجهة الخطر المحدق، خاصة أن تلك المناطق تعكس ساحة الصراع والخلاف بين أربيل وبغداد بل بين أربيل أحيانا والأذرع الإيرانية.
وذهب البعض ليتحدث عن تمكن تنظيم داعش من إقامة إمارة جديدة بين حدود ست محافظات تمتد من أطراف الموصل شمالا وصولا إلى قضاء خانقين شرقًا، مستغلا الفراغ الأمني الذي أحدثه انعدام التنسيق بين قوات البيشمركة والجيش العراقي والعلاقات المتأزمة بين بغداد وأربيل فداعش لديه مجسات على الوضع السياسي، كلما احتقن الوضع السياسي كلما نشط بطريقة انتهازية.
وقد أعاد داعش تنظيم نحو 12 ألف عنصر إرهابي يتمركز أغلبهم في سلسلة جبال قرجوغ بالقرب من قضاء مخور وصولا إلى كركوك وجبال حمرين وخانقين، التي تؤكد المعلومات أنه أقام فيها إمارته وسمى أميرا لها وأنشأ محكمة شرعية أيضا.
في ظل رفض بغداد والحشد الشعبي عودة البيشمركة إلى تلك المناطق التي انسحبت منها في أكتوبر (تشرين الأول) 2017 عقب استفتاء استقلال إقليم كردستان في سبتمبر (أيلول) من 2017 واتخاذ بغداد إجراءات بحق الإقليم منها إخراج البيشمركة من المناطق المتنازع عليها بعد أن كانت مسؤولية حمايتها مشتركة بين الطرفين في السنوات السابقة.
وزير البيشمركة، شورش إسماعيل، كشف في مؤتمر صحافي قبل أيام أن تنظيم داعش الإرهابي شكّل محاكم جديدة، وأعاد فرض الإتاوات على المدنيين في مناطق لا تتواجد فيها القوات الأمنية.
وشّن مسلحو تنظيم داعش، هجوما على قوات البيشمركة في ناحية كولجو التابعة لمحافظة السليمانية، مما أدى إلى مقتل عنصرين من البيشمركة.
وأضاف إسماعيل في تصريح للصحافيين على هامش زيارته إلى ذات الناحية في أطراف محافظة السليمانية، أن «تنظيم داعش الإرهابي أعاد ترتيب صفوفه في المناطق التي تشهد فراغا أمنيا خاصة المتنازع عليها بين أربيل وبغداد».
وأعرب عن أسفه لعدم التمكن من التنسيق مع القوات العراقية، الأمر الذي «أدى إلى خلق فرصة ذهبية بالنسبة للتنظيم لكي يعمل في تلك المناطق».


المختص في الشؤون الأمنية هاوكار الجاف


 
معلومات كردستان
وبحسب المعلومات في إقليم كردستان من خلال حوار لـ«لمجلة» مع المتخصص في الشؤون الأمنية هاوكار الجاف، فإن «التنظيم يسيطر بنسبة 90 في المائة من أحزمة مدن بغداد وصلاح الدين وديالى وكركوك وقسم من جزيرة نينوى، وهناك أيضا مناطق واسعة تحت سيطرة التنظيم بنسبة 100 في المائة، مثل مناطق جبال حمرين وجبال قره جوخ الواقعة في قضاء مخمور شمال شرقي العراق والتي تعتبر نقطة وصل بين نينوى وأربيل وكركوك، كما أن إيقاف التحالف الدولي لعملياته في العراق سيعني المزيد من المخاطر الأمنية على كركوك والمناطق المتنازع عليها، ويعتبر جبل قره جوغ التابع لقضاء مخمور ضمن محافظة نينوى من أنشط المراكز والمناطق لتنظيم داعش ويوجد المئات من عناصره ومنهم قيادات بارزة، لكن القوات العراقية عاجزة عن السيطرة عليه نتيجة وقوع المنطقة ضمن مناطق النزاع بين أربيل وبغداد».
ويرى هاوكار الجاف أن «تمسك التنظيم بشدة بـ(قره جوغ) رغم أنه يعجز عن تأمين إمداداته العسكرية والمواد الغذائية ومنها الماء الصالح للشرب لقسوة الجغرافيا والطبيعة فيه، إلا أنه يوفر حاجاته من خلال عمليات التهريب التي يدفع من أجلها أموالا طائلة، كما أن قره جوغ يعتبر مركزا حيويا واستراتيجيا لعملياته العسكرية وذلك يعود إلى وجود عدد كبير من الكهوف والأنفاق بالمنطقة إضافة لكونها وعرة يصعب الوصول إليها عسكريا كما أن القضاء على التنظيم بهذه المنطقة يحتاج خطة عسكرية محكمة مشتركة بين القوات العراقية وقوات البيشمركة»، مستدركا: «لكن هناك فراغا أمنيا كبيرا بهذه المنطقة بعد انسحاب البيشمركة من محافظة كركوك والمناطق الأخرى عقب أحداث عام 2017 بعهد رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي».
ويؤكد قائلا إن «الجهد الاستخباري والجوي والمراقبة لا تزال ضعيفة وكانت مساعدة التحالف الدولي في هذا الجانب واضحة جدًا ولكن الأحداث الأخيرة ستزيد، من تحركات التنظيم الذي سيستغل قرار التحالف الدولي وأيضا الأوضاع السياسية لمهاجمة كركوك ونينوى وصلاح الدين ومناطق أخرى».
وكان البرلمان العراقي، قد صوت لصالح إلزام الحكومة بإخراج القوات الأجنبية من البلاد وإلغاء الاتفاق الأمني مع الولايات المتحدة وإلغاء طلب مساعدة التحالف الدولي بقيادة واشنطن في محاربة الإرهاب.
وحول تصعيد التنظيم لهجماته يلفت هوكار الجاف إلى أن «التنظيم يكثف هجماته عادة خلال شهر رمضان بما يسميها غزوات رمضان كغالبية التنظيمات المتطرفة، وبالرجوع إلى تاريخ التنظيمات الإرهابية، فإن هذه التنظيمات تعتبر رمضان (شهر الفتوحات) وفرصة لتزايد الهجمات، ومن المرجح أن يجد في رمضان فرصة مضاعفة لتصعيد ‏العنف ومتوقع أن نشهد سلسلة من الهجمات يشنها التنظيم، وهناك أيضا هدف آخر للتنظيم وهو شن هجمات على السجون، ومن المحتمل أن نشهد خلال الفترة القادمة هجمات تستهدف السجون لتهريب عناصره المعتقلين بأي وسيلة كانت».
ويذكر بهذا الصدد أنه في افتتاحية صحيفة «النبأ» الأسبوعية التابعة لتنظيم داعش نشر مقال تحت عنوان «رمضان شهر الانتصارات والفتوحات»، ويصادف اليوم الأول من رمضان الذكرى السنوية لإعلان «الخلافة».‏


الناجية الإيزيدية نادية مراد الحائزة على جائزة نوبل


 
مبايعة الخليفة
يذكر أن زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي أصدر رسالتين رئيسيتين في رمضان 2014 فور إعلانه «خليفة» في 29 يونيو (حزيران) الموافق وقتها أول رمضان. ‏وأصدر رسالة صوتية أخرى في رمضان في أول يوليو (تموز) للإقرار بتعيينه. وظهر للمرة الأولى بالفيديو في 4 يوليو في المسجد الكبير في ‏الموصل‎.‎
فهل سيسير زعيم تنظيم داعش الجديد، أبو إبراهيم القرشي على خطى البغدادي، ويصدر رسالة في شهر رمضان الحالي، خصوصا أنه لم ‏يصدر أي رسالة شخصية منذ تعيينه، ولم يظهر للعيان منذ توليه الخلافة في 31 أكتوبر، وهو ما أدى إلى انتشار الشائعات ‏والتكهنات حول هويته وأهليته للقيادة.
ويرى هاوكار الجاف أنه «من المتوقع أن يكون هناك خطاب من قبل الخليفة الجديد لرفع الروح المعنوية للتنظيم وخاصة أن التنظيم دعا المسلمين إلى بيعة الخليفة الجديد وهذا يستوجب الإعلان عن الخليفة الجديد، ولكي تتم له البيعة يجب أن يكون معلوما ومعروفا لدى الجميع، وأعتقد أن رمضان قد يكون الوقت الأنسب لذلك».
وحول المعلومات عن دخول زعيم التنظيم الجديد والقيادة إلى العراق يجيب قائلا: «بالتأكيد بعد انتهاء معارك شمال شرقي سوريا فإن أغلب قادة التنظيم الذين بقوا من التنظيم توجه قسم منهم إلى تركيا وقسم آخر توجه إلى العراق عبر الأنبار ودخلوا إلى مناطق الجزيرة الواقعة بين محافظتي نينوى والأنبار وجزيرة صلاح الدين».
وكان الحساب الرسمي لبرنامج «مكافآت من أجل العدالة» التابع لوزارة الخارجية الأميركية أعلن عن جائزة بقيمة 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن الإرهابي خليفة البغدادي.
وفي تغريدة عبر «تويتر»، جاء إعلان الخارجية بأن الإرهابي القرشي قد قام بجرائم كبيرة جدًا، داعية من يعرف معلومات تؤدي إلى مكانه، التواصل معها.
كما يشير الجاف إلى أن «تكتيك القيادة الجديدة خلال الفترة القادمة هو تحسين صورة داعش ومنها حسب المعلومات عن اجتماع القيادات الأخيرة مع اللجنة المفوضة هو تطبيع العلاقات مع شيوخ العشائر وإنشاء ديوان مختص بذلك أو يتولى تلك المهمة وتقبل توبة عناصر الشرطة والجيش فهذه تدل على أن التنظيم حاليا بدأ بسياسة جديدة وهي سياسة تطبيع العلاقات بدلا من سياسة الانتقام وسيستفيد منها التنظيم وستسمح له بالتواجد في المناطق السكنية والقرى والأرياف ومساعدة الأهالي لهم باعتمادهم سياسة عفا الله عما سبق، كما سيستفيد التنظيم أيضا من ردة فعل أبناء تلك المناطق من بطش ميليشيات الحشد الشعبي في مناطق السنة الذين قد يلجأون لأي تنظيم يحميهم من بطش هذه الميليشيات».


نزوح الإيزيديين من سنجار عقب هجوم داعش في 2014


 
عودة البيشمركة
ويعتبر الجاف أن «عودة البيشمركة التي هي جزء من منظومة الدفاع العراقية ستضمن حماية تلك المناطق، فكما هو معروف أن غالبية المناطق المتنازع عليها هم من المكون الكردي وبالتالي الحصول على المعلومات سيكون أوفر بالنسبة لقوات البيشمركة، ومن خلال مركز تنسيق مشترك مع القوات العراقية يمكن أن يتم بسط الأمن في تلك المناطق، إذ إن البيشمركة كانت موجودة في تلك المناطق من 2003 لحد 2017 أي إن لديهم خبرة كافية في جمع المعلومات والقيام بالدفاع عن تلك المناطق وأيضا هم من حرروا تلك المناطق سابقا من داعش ولهم الدور الكبير في ذلك».
ويذكر أنه في الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي، قامت عناصر تنظيم داعش، بـ85 هجومًا، تسبب في مقتل 70، وخطف 41 مواطنًا من المناطق المتنازع عليها.
جاء ذلك على لسان أمين عام وزارة البيشمركة في إقليم كردستان، جبار ياور، الذي أشار أيضا إلى أنه في شهر أبريل الماضي، تم تسجيل 37 هجومًا، وذلك دليل على ازدياد نشاط داعش.
وذكر ياور أنه قدّم مقترحين للحكومة العراقية، للسيطرة على تلك المناطق: 
الأول هو أن نقوم نحن (وزارة البيشمركة) بحماية المنطقة. والثاني هو تقاسم المهمة مع الحكومة العراقية في حماية المنطقة. إلا أن الحكومة العراقية، لم تقبل بأي من تلك المقترحات، فلم تقم هي بحماية تلك المناطق كما يجب، ولم تدعنا نحن نقوم بحمايتها.
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها «المجلة» فإن خط الدفاع في المناطق المتنازع عليها ضد التنظيم يبدأ من منطقة خانقين على الحدود الإيرانية وينتهي في منطقة الربيع على الحدود السورية ويبلغ طوله نحو 1000 كم متر بطول خمس محافظات عراقية، وإن تأمين تلك المنطقة يقع على عاتق البيشمركة والحكومة الاتحادية.
والمشكلة هي أن هناك خط لتوزيع قوات البيشمركة في تلك المنطقة وخط لتوزيع القوات الاتحادية بها، لكن على أرض الواقع هناك فراغات كبيرة بين توزيع الخطين للقوات، عرض بعض تلك الفراغات يصل إلى نحو 40 كم وبطول نحو 60 كم، وليس هناك أي وجود لقوات البيشمركة أو القوات الاتحادية في تلك المناطق.
ولحين تشكيل حكومة جديدة فإن التفاهمات والاتفاقات بين البيشمركة والقوات العراقية ستظل حبرا على ورق فيما سيتهيأ داعش للحظة انسحاب التحالف الدولي للبدء في فصل آخر من الإرهاب.
 


روشن قاسم

كاتبة سورية كردية. عملت في فضائية الحرية. ومحررة في المعهد البري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *